كم أنت حزينة ياجزائر
كم أنت حزينة وأنت
تودعين ابنك الثائر
كم أنت حزينة وأنت
توارين جثمانه الطاهر
كم أنت حزينة وأنت واقفة
بمطارات الخريف
تودعين الطير المهاجر
**********
ما زلت أذكر صورك
وأنت في الثورة المجاهد الثائر
ما زلت أذكر بطولاتك
وأنت تقف في وجه العدو الغادر
ما زلت أذكر شموخك
وأنت بالرصاص لا بالكلام تحاضر
ما زلت أذكر ذاك السؤال الحائر
هل يملأ القادم الزائر
هذا الكرسي الشاغر؟
لم تدم حيرتي
فقد كنت خير الخلف
وكنت للصعاب القاهر
وقدت السفينة
بإيمانك وعون القادر
**********
كم أنا حزين
وكم أنت حزينة يا جزائر
سيذكرك الكبير والصغير
في القرى والمداشر
ستذكرك صبية
خطبت في عيدك العاشر
سيذكرك الطفل في مدرسته
سيذكرك الفلاح في مزرعته
سيذكرك في دكانه التاجر
سيذكرك التاريخ يا من
صنعت جميل المفاخر
ستذكرك ملتقيات الفكر
ستذكرك منارات العلم
والقامات الأكابر
ستذكرك قسنطينة
في جامعة عبد القادر
ستذكرك في المقام
ساحرة تدعى الجزائر
ستذكرك أيام العز
وأعياد البشائر
سيذكرك العالم وأنت
تدعو للسلم على عديد المنابر
ستذكرك الدنيا وأنت للصلح
تدعو وتسافر
ستذكرك بغداد وأنت لأجلها
بحياتك تغامر
سيذكرك السياب والساهر
ستذكرك عروس الشرق بيروت
وأنت بالطائف تنقذ شعبها الحائر
**************
كم أنا حزين
وكم أنت حزينة يا جزائر
ما زلت أذكر مدينتنا
يوم جئتها زائر
مازلت أذكر ملامح وجهك
وذاك البريق الساحر
مازلت أذكر الشعب يحييك بالأيدي
وأصوات النشيد في الحناجر
ما زلت أسمع أهازيج البشر والفرحة
تنادي باسمك وتفاخر
وفي أذني مازالت تتردد
زغاريد الحرائر
**************
كم أنا حزين
وكم أنت حزينة يا جزائر
ما زلت أذكر تاريخ بلدي
في الشهر العاشر
مازلت أذكر الأحداث
وأنا في الماضي مسافر
اهتزت الدنيا
وحبلت بعد طول العقم عاقر
واستيقظ مارد الشر
في البوادي والحواضر
وشرعت أبوابها المقابر
وخطبت ليلتها...
كانت دموعك تسبق
كلماتك على المباشر
دعوت الناس للوحدة
ونبذ لتناحر
أعلنتها مدوية مجلجلة
لا لتفريق الشعب إلى
فبائل وعشائر
فخرج الشعب يهتف باسمك
أنا للجزائر
أنا لمشروعك ناصر
لك الله قالها الأئمة على المنابر
لك الحب والوفاء نطق بها
الأديب والشاعر
************
كم أنا حزين و
كم أنت حزينة يا جزائر
ما زلت أذكر تاريخ بلدي ذات يناير
ما زلت أذكر تقاسيم الحزن
وأنت تقدم استقالتك على المباشر
كنت ليلتها محاطا برجال قيل من الأكابر
تركت القصر الكبير والكرسي شاغر
أذكر أنني قرأت ليلتها في صلاتي
آيات من سورة غافر
ورددت طويلا سورة التكاثر
هي نبوءة لم أفقه كنهها
والنجم في السماء ساهر
لم أكن أدري أن الموت
سيزحف يوما على المعابر
كان أبي في خلوته
يمرر حبات المسبحة
وهو يدعو:ألطف بنا يا ساتر
ويأتي الغد حزينا...
فشمس ذاك اليوم لم تشرق
وكهفها لم تغادر
كنت يومها لعملي مسافر
أحمل رؤيايا كعصفور حائر
أحملها والسؤال معلق بفمي
ماذا ينتظر بلدي؟؟؟
ماذا ينتظر الجزائر؟؟
كنت احملها لعلي أجد
بطريقي مفسرا عابر
لم أر يومها غير الغربان
يحط بعضها على الأرض
والبعض فالجو طائر
علمت أن الموت يترصدنا
وستغص بأشلائنا
الساحات والمقابر
سننسى رؤانا وتنسانا رؤانا
في زحمة الموت وآلاف المجازر
ستفقد الحلل بريقها والأساور
ستفقد شذاها الورود و الأزاهر
هكذا رؤانا.....
صور وأخيلة تختفي
وتتراءى وراء الستائر
كم أنا حزين
وكم أنت حزينة يا جزائر
كان الموت يزورنا بالنهار
مثل وحش كاسر
و بالليل مثل ديك بشرفه يتاجر
كان يلاقينا كل يوم بالمدن والمعابر
يتملقنا مثل عجوز ساحر
كان يهجم علينا كثعلب ماكر
لا يفرق بين المؤمن والكافر
يحصد منا الأصاغر والأكابر
لم ينج من بطشه
الطير الكاسر ولا العصفور النادر
****************
كم أنا حزين وكم أنت حزينة يا جزائر
الكل متعلق بغانية تدعى الموت
و الكل بحبه يفخر ويفاخر
كم أنت رائع أيها الموت
وأنت تصادر أصواتنا في الحناجر
كم أنت رائع وأنت تعلمنا
كيف نجبن ونغامر
كم أنت رائع وأنت تهاجم
القرى النائمة كبركان الفجر الثائر
كم أنت رائع أيها الموت وأنت
تصرع قواربنا كالموج الهادر
كم أنت رائع وأنت
في عروقنا مثل الدم تسافر
************
كم أنا حزين و كم أنت حزينة يا جزائر
طبت حيا وتحت التراب مسافر
إلى رب للسموات والأرض فاطر
إلى رب قابل للتوب للذنب غافر
طبت حيا وميتا يا رجلا
سكن منا العقول والسرائر
لك الرحمة والغفران بجوار ربك
ولشهدائنا المجد وزغردات الحرائر
***********
عزيز دوادي
0 Commentaires