الظلّ العالي.. بقلم الشاعرة ربا رباعي






في الزاويةِ المنسيّةِ
حيثُ تُغنّي العيونُ بصمتٍ
وترتدي الأرواحُ أثوابَ الصبرِ،
يقفُ رجلٌ
لا يُجيدُ الانحناء،
يحملُ على كتفيهِ
أثقالَ الأيامِ
ووجعَ الذينَ
صنعوا المجدَ ثمّ عادوا بلا صوت.

يضحكُ على قدرهِ
ويقول: “أنا بخير”
كأنّهُ يُقنِعُ السماءَ أن تتأخرَ عن المطر،
كأنّهُ يُخدّرُ قلبهُ
بجرعةِ حُلمٍ
نسجَها من خيبةٍ أليفة
وسلامٍ مزعومٍ في الجيوب.

يعطي ما لا يُعطى،
يُخلِصُ حتى يذوب،
ثمّ يُقال عنهُ:
مسكينٌ هذا،
كلُّ ما أرادهُ سلّةٌ
حتّى لو بلا عنب!

هم لا يرَونَ
أنّهُ جبلٌ صامدٌ
أخفى نُدبهُ
كي لا ترتجفَ القلوبُ من الحقيقة،
هو لا يُدعى للولائم،
ولا تُطرَزُ لهُ الدعوات،
لكنّهُ … باقٍ
في النُبلِ عَلم،
وفي الصمتِ جدارًا لا يُكسر.

إنهم لا يعلمون
أن الظلالَ لا تُركَن،
بل تنتظرُ الضوءَ بكرامةٍ،
وأنّ القطاراتِ كثيرة،
لكنّ المُخلصين لا يستعجلون،
فالقطارُ الأجملُ
يأتي في الوقتِ الذي يستحقونهُ تمامًا.

ربا رباعي

Enregistrer un commentaire

0 Commentaires